الجمعة، 1 مايو 2009

برونزينو 1503-1572




برونزينو 1503-1572
وفي الفترة ما بين ابتكار كوريجيو لنموذج الجمال المطلق وعودته إلى الظهور خلال القرن الثامن عشر مرّت فينوس بنماذج أُخرى يأتي في مقدّمتها ما يُدعى بنموذج النزعة التكلّفية Mannerism الأسلوب التكلّفي هو ما يطرأ على الأسلوب الفني من تأنق أو تكلّف أو غلوّ، ويُعزى إلى التصوير الإيطالي خلال القرن السادس عشر، واستغرق الفترة ما بين النهضة الشمّاء ونشأة أسلوب الباروك. وقام أساساً على الإعجاب بميكلانجلو وما تلى ذلك من إفراط في محاكاة تكويناته الفنية ومن تحريف معبّر مقصود لأشكاله. وأهم خواص الأسلوب التكلّفي المبالغة في إظهار القوى العضلية أو إطالة أشكال الشخوص، أو إضفاء التوتر على الحركات والإيماءات أو ازدحام التكوين الفني أو المغالاة في بعض النسب والمقاييس، وما يترتب على ذلك كله من استخدام للألوان الصارخة. (م.م.م.ث). ، وهي تعبير عن مدرسة كثيراً ما يساء فهمه وإن ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمثل أعلى للجمال الأنثوي يتّسم بالإفراط غير الواقعي في طول أعضاء الجسد وبرشاقة وأناقة بزّتا النماذج التقليدية المعهودة0 وتكمن المفارقة في أن ميكلانجلو الذي لم يستهوه جسد المرأة كان له تأثير واضح في تشكيل صورة فينوس، إِذ هيمنت ابتكاراته التشكيلية على معاصريه فإذا هي تتجلّى في أشكال لم يكن يتوقعها أحد، مثال ذلك صورة فينوس في لوحة "رمز الهوى" للفنان برونزينو Bronzino المحفوظة بالناشونال جاليري في لندن (لوحة 1، 2) التي غدت قمة الأناقة في عهد آل مديتشي برشاقة جسدها الصقيل ووضعها المتأوّد ومجونها المكبوح. وكان ميكلانجلو أول من فتح الباب على مصراعيه لهذا التطور الذي أبدع مثل هذه الوضعات حين ابتكر وضعة تمثال "الليل"وجعلها أساساً لصورة ليدا، فلقد ظل تمثالا "الليل" و"الفجر" الأنثويان بمصلّى مديتشي النبع الذي يستقي منه المصوّرون صور العاريات على مدى نصف قرن.
وليس ثمّة تفسير متّفق عليه من الجميع للوحة رمز الهوى أو (فينوس وكيوييد والحماقة والزمن) حيث نميّز كيوبيد بجناحيه وكنانة سهامه، يحتضن أمّه فينوس مقبّلاً ثغرها، كما نتعرّف على الزمن من الساعة الزجاجية. وتبقى بعد ذلك أربعة شخوص: فنرى في أعلى اليسار امرأة قد استخفى وجهها وراء قناع وهي تمسك بيدها حافّة ستارة زرقاء وتحتها شخصية لا ندري إن كانت لذكر أم لأنثى تشدّ شعرها بكلتي يديها. وإلى اليمين صبيّ صغير يقبض على باقة زهور بكفّه ويحيط برسغه الأيسر خلخال مجلجل، ويبدو أنه قد داس على الشوك فانغرزت إبرة في كعبه اليمنى. ومن ورائه وجه صبيّة تظهر عجيزتها على صورة عجيزة حيوان ذي فروة وذيل تغطّيه الحراشف، وتمسك بإحدى يديها خليّة نحل بينما تمسك بيدها الأُخرى ذنباً مسنوناً كلسان الأفعى. كما نشهد زوجاً من الحمام الأبيض إلى اليسار من أمامية الصورة، وتقبض فينوس بيدها اليسرى على كرة ذهبية، وقد أُلقي بقناعين لرجل وامرأة إلى اليمين من أمامية الصورة. ويصف الفنان ومؤرّخ الفن فاساري هذه اللوحة بأنها: "صورة لا يعبّر عن مقاصدها وصف تتيه بجمالها سواء في تكوينها الفني الشديد الإتقان أو في التباين غير المألوف بين درجات ألوانها، بين لون بشرة الأجساد الشاحبة والألوان الأخرى المتألقة تألّق المعدن." وعلى حين يذهب بانوفسكي إلى تفسير هذه الصورة الرمزية بأنها الزمن يكشف عن أن المتعة الحسيّة تفضي إلى اليأس والغيرة، يذهب ليفي Leveyإلى أنَّ هذه الصورة تمثّل فينوس وهي تجرّد كيوبيد من سلاحه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق