الجمعة، 1 مايو 2009

عصر الرينيسانس (فرا فيليبوليبي 1406 - 1469

فرا فيليبوليبي 1406 - 1469
وقد أتاح لنا فيليبوليبي Filippo Lippi بما خلّفه من فيض غزير من التصاوير التي بقي أكثرها في حالة سليمة ما يجعلنا أكثر قدرة على تقييمه وتقديره فناناً له مكانته وجدارته، فإذا كان الافتتان بسحرها الجذاب كافياً كي يخلق فناناً عظيماً فلنا أن نعدّ فيليبو فناناً عظيماً بل أعظم فنان فلورنسي قبل ليوناردو، فأنّى لنا أن نجد وجوهاً أشدّ ملاحة وإغراء من عذراواته وخاصة لوحة العذراء والطفل والمَلَك التي يحتفظ بها متحف أوفتزي (لوحة 1) هي ولوحة العذراء والطفل (لوحة 2) التي تثير فينا أنبل العواطف وأسماها؟ وأين نجد في التصوير الفلورنسي ما هو أشدّ جاذبية من مرح أطفاله وأكثر شاعرية من مناظره الطبيعية وأرق سحراً من ألوانه؟ ويتوّج هذا كله التعبير عن الصحة المتدفّقة وعن مراحل العمر التي يمرّ بها الإنسان، مُستلهماً معينه الفيّاض مما يتمتع به من خفّة الظلّ والروح (لوحة 3). ومع ذلك فكل هذه الصفات المتميّزة تشكّل رسّاماً فحسب لا مصوّراً من الطراز الأول، وهذا في الحق ما كان عليه فيليبوليبي. أما إذا كان قد تجاوز هذه المرتبة أحياناً فمردّ ذلك إلى تأثير مازاتشيو عليه أكثر مما هو إلى مواهبه الشخصية، ذلك أنه لم يكن يمتلك الحس العميق بالدلالة المادية أو الروحية الذي ينبغي أن يمتلك ناصيته الفنان الحق. وحين كان يصوّر مترسّماً خُطى مازاتشيو كان يعطي للقيمة اللمسية حقّها أحياناً كما هي الحال في لوحة العذراء بمتحف أوفتزي، لكنه كان في أغلب الأحيان يداري عجزه عن التعبير عنها بتصوير الأردية ذات الخطوط الرشيقة والأطواء الدسمة. من أجل هذا كانت وجهة فيليبو الفنية هي التعبير عما هو رقيق مبهج من مشاعر الحياة اليومية العادية التي تفيض على النفس بهجة وبشراً لا الالتزام بإعادة الخلق الفني الباهر، ومن ثم كان مكانه الحق مع مصوّري حياة الناس اليومية Genre. وعلى حين اهتم هو بالتعبير عن وجدانهم اهتم غيره من أمثال بينوتزو جوتزولي بالتعبير عن أجسادهم، وكلاهما ليبي وجوتزولي لا يهدف إلى غير التمثيل التشكيلي Representation بأي ثمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق